هل “أحمد العودة” قائد اللواء الثامن خائن أم ثائر؟

بسام جوهر

جسر:مقالات:

انهالت ألقاب البطولة والشهامة والشجاعة على أحمد العودة بعد أن كان، ولفترة فصيرة خلت، رمزاً للخيانة والمساومة ورجل التسويات المشبوهة مع النظام، وذلك في إشارة واضحة إلى دوره في القتال إلى جانب قوات النظام ومساعدته في السيطرة على مدينة الصنمين وإخراج مقاتلي المعارضة منها بعد أن رفضوا صفقات التسوية مع النظام في مطلع شهر آذار الماضي.

احتفت أوساط المعارضة السورية بالأخبار الواردة من جنوب سوريا، وتحديداً من بصرى الشام، مقر اللواء الثامن بقيادة العقيد أحمد العودة التابع للفيلق الخامس المدعوم روسياً، وذلك على أثر ورود أخبار وفديوهات لمظاهرة كبيرة تندد بالنظام السوري ورئيسه، على مرأى ومسمع من الشرطة العسكرية الروسية المتواجدة في المكان، عقب تخريج دفعة جديدة من مقاتلي اللواء المذكور. بعد ذلك انهالت ألقاب البطولة والشهامة والشجاعة على أحمد العودة بعد أن كان، ولفترة فصيرة خلت، رمزاً للخيانة والمساومة ورجل التسويات المشبوهة مع النظام، وذلك في إشارة واضحة إلى دوره في القتال إلى جانب قوات النظام ومساعدته في السيطرة على مدينة الصنمين وإخراج مقاتلي المعارضة منها بعد أن رفضوا صفقات التسوية مع النظام في مطلع شهر آذار الماضي، وكذلك إرساله مقاتلين تابعين له للشمال السوري لمساندة النظام في حملته ضد فصائل المعارضة.

يعود تشكيل الفيلق الخامس-اقتحام، بتوجيه ودعم روسي، إلى عام 2016، ويتكون من بقايا الميليشيات التي شكلها النظام السوري خلال الحرب، مثل لواء البعث, لواء صقور الصحراء, كوماندوس البحر وغيرها من ميليشيات الدفاع الوطني واللجان الشعبية والمتطوعين الذين يرغبون بالحصول على راتب جيد ( الراتب يتراوح بيت 150 الى 250 دولار شهريا ) أو فارين من الخدمة الالزامية, ويتبع إلى هيئة الأركان في الجيش السوري. لكن دور الفيلق ظل محدوداً بسبب قلة عدد مقاتليه والفئة العمرية الكبيرة نسبياً لمقاتليه. لكن هذا الدور بدأ يزداد قوة وفعالية على أثر إبرام اتفاقات التسوية في درعا بين النظام وفصائل المعارضة, بدفع ورعاية روسية, في صيف 2018, حيث التحق فصيل ( شباب السنّة ) بقيادة العقيد أحمد العودة بالتسوية وسلّم مناطقه للنظام دون قتال يذكر, محدثاّ شرخاً في صفوف المعارضة المسلّحة في الجنوب التي بدأت بالانهيار أمام قوات النظام وتسليم مناطقها تباعاً, إثر ذلك تحوّل أحمد العودة من قائد لقوات ( الشباب السنّة ) التابع ( للجيش السوري الحر  ) إلى قائد اللواء الثامن التابع للفليق الخامس التابع بدوره لهيئة الأركان في الجيش السوري والمدعوم روسيا.

هذا وقد تأسس ( لواء شباب السنّة ) عام 2013 في درعا وكان يتلقى دعمه المالي والعسكري من الأمارات العربية المتحدة من خلال غرفة تنسيق الدعم المشركة ( الموك) في عمان, التي تشرف على فصائل المعارضة المسلّحة في الجنوب.

انضمام ( لواء شباب السنّة ) إلى الفيلق الخامس كان بمثابة ضخ دماء شابة جديدة للفيلق المترهّل, حيث اتجه معظم شباب درعا, الذين ضاقت خياراتهم, من الفارين والمتخلفين عن الخدمة الالزامية  والعناصر المنشقة وعناصر الفصائل المعارضة سابقاً والخاضعين للتسوية, للانضمام للواء الثامن بقيادة العودة, كملاذ أخير, بعد وعود من أحمد العودة أن يكون انضمامهم إلى الفيلق الخامس مُحتسباً من الخدمة الالزامية في الجيش السوري وتسوية أوضاعهم أن يكون انتشارهم في المنطقة الجنوبية فقط.

أهداف روسيا من دعم أحمد العودة وتشكيله المقاتل :

منحت روسيا قوات الفيلق الخامس في الجنوب السوري صلاحيات واسعة لضبط الأمن والتجاوزات التي تحصل في المنطقة, بما فيها تجاوزت قوات النظام السوري, إضافة إلى ملاحقة العناصر الإسلامية المتطرفة من داعش وغيرها. وتهدف روسيا من وراء ذلك إنشاء قوة عسكرية كبيرة ومدربة جيداً تأتمر بأمرها وتحت قيادة واحدة في منطقة درعا والقنيطرة, وذلك على خلفية صراع خفي على مناطق النفوذ بين إيران والفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد من جهة وبين روسيا من جهة أخرى, وقد اختارت روسيا المنطقة الجنوبية لوجود خزان بشري من الشباب الهارب من النظام, والبيئة العدائية لسكان المنطقة ضد إيران والنظام السوري. بعد فشلها في إنشاء هكذا قوة في مناطق أخرى من سوريا. إضافة إلى قرب المنطقة من اسرائيل والتنسيق الروسي الإسرائيلي الدائم بهدف لجم النفوذ الإيراني وخلايا حزب الله النائمة في المنطقة.

رأي أهل المنطقة بالفيلق الخامس وقيادته :

هناك آراء متضاربة ومتناقضة بشأن دور اللواء الثامن في الفيلق الخامس وقائده وعناصره، فهناك من يعتبره  ميليشيا جديدة على غرار الميليشيات السابقة، لكن بمسمّى جديد، وأداة بيد روسيا، وأن دوره مرسوم بدقة حتى لو أظهر بين الفينة والأخرى عداءه للنظام، عداء لا يُسمح له بالانتشار والتمدد في بيئة هي معادية بالأصل وتنتظر لحظة تغيير موازين القوى على الأرض. كما يأخذ أصحاب هذا الرأي على اللواء وقائده منعه رفع رايات الثورة السورية في المظاهرات التي جرت، وهذا يعني أن أجندات الثورة السورية ليس لها مكان ضمن مهام اللواء وعناصره، كما أن أصحاب هذا الرأي يعتبرون روسيا، صاحبة الكلمة العليا في المنطقة، هي دولة احتلال تسببت بمجازر فظيعة على مساحة الوطن.

أما الرأي الآخر فيعتبر أحمد العودة، وقبوله التسوية مع النظام، قد ساهم بحقن دماء شباب درعا ومنع تهجيرهم من مناطقهم، رغم تبدل المهام والأدوار الموكلة لهم، كما أنه استطاع تجنيد معظم شباب درعا ووفّر عليهم خيارين أحلاهما مُرّ، إما الملاحقة والاعتقال من قبل النظام أو الانضمام إلى صفوف الفرقة الرابعة، التي تعتبر ضمن التيار الايراني، والتي فتحت باب التجنيد في عدة مراكز تابعة لها في ريف درعا الغربي. ويضيف أصحاب هذا الرأي أن المناطق التي يسيطر عليها اللواء الثامن تتمتع بالاستقرار وتوفر الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، بعكس المناطق التي يسيطر عليها النظام وميليشياته، التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية وتعاني من الفوضى ومن القبضة الأمنية المتشددة .

سواء كنا مع هذا الرأي أو ذاك فلابد من القول أن ظاهرة أحمد العودة العسكرية لا تروق للنظام، الذي لم يألف هكذا ظاهرة في تاريخ المصالحات على مدى سنوات الصراع العشر، والتي انتهت إلى سيطرة النظام وتهجير السكان والمقاتلين.

المعروف عن أحمد العودة، الحاصل على شهادة في الأدب الانكليزي، أنه بارع في تقلباته وتحالفاته، هل سيصمد أمام رغبة النظام العميقة في إنهاء هذه الظاهرة أو السيطرة عليها كلياً؟ أم أن لروسيا رأي آخر؟.

 

قد يعجبك ايضا