إدلب: تحرير الشام تتسلط بالخوف.. وبأساليب النظام

جسر – صحافة

تروّج هيئة تحرير الشام لجهودها المفترضة للحفاظ على الأمن والاستقرار في مناطق سيطرتها في إدلب ومحيطها شمال غربي سوريا. وتحت هذا الشعار أدرجت أنشطتها الأمنية في تتبع وملاحقة منتقديها، وبالأخص الذين عارضوا الحملة العسكرية الأخيرة على التنظيمات السلفية، والذين انتقدوا سياسات حكومة الإنقاذ التابعة لها باعتبارها المتسبب الرئيسي في أزمة المعيشة التي يعانيها سكان المنطقة.
وكانت مناطق في إدلب وريف حلب الغربي شهدت خلال تشرين الأول/أكتوبر، حراكاً احتجاجياً مناهضاً لتحرير الشام وحكومة الإنقاذ. وكانت الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات أكثر كثافة في الأسبوع الأخير من تشرين الأول، وتوزعت على الأتارب وإدلب، وفي مخيم البركة وساحة باب الهوى القديمة شمالي إدلب في المنطقة القريبة من الحدود مع تركيا.
ولولا الضغط الأمني لتحرير الشام وحملة الاعتقالات التي طاولت عدداً من المتظاهرين ومنظميها، لتوسع الحراك بشكل أكبر، وذلك بعد دخول جماعات سلفية مناهضة للهيئة لدعم المتظاهرين. وفي موازاة الحملة الأمنية، عملت تحرير الشام على الاستفادة من نفوذ الوجهاء المحليين التابعين لإدارات المناطق في حكومة الإنقاذ، وذلك لمنع المظاهرات والحراك ضدها وإفشال المخططات الرامية إلى استمراره وتوسعته، وقد نجحت بالفعل في إخماده.
وظهر أبو عبدو لبن في تسجيل مصور يعتذر فيه عما بدر منه من هتافات ضد تحرير الشام وزعيمها أبو محمد الجولاني، خلال الوقفة الاحتجاجية التي شارك فيها العشرات قرب معبر باب الهوى شمالي إدلب في 27 تشرين الأول/أكتوبر، للمطالبة بوقف الحملة العسكرية على تنظيم “جند الله”.
وكان الاحتجاج قرب معبر باب الهوى سبباً في اعتقال لبن وأشخاص آخرين من قبل تحرير الشام. أطلق سراح لبن بعد اعتقاله لساعات، بينما بقي المحتجون الآخرون معتقلين لدى تحرير الشام. ويبدو أن أبو عبدو لبن تعرض للضغط خلال اعتقاله لكي يقدم اعتذاره بسبب مشاركته في الاحتجاج، ويتراجع عن الهتافات التي أطلقها ضد تحرير الشام وزعيمها.
وقال لبن في التسجيل، إنه تورط بالخروج في الاحتجاج ضد تحرير الشام، ولو أنه كان يعلم بأن منظمي الوقفة يتبعون ل”حزب التحرير-ولاية سوريا”، لما أقدم على المشاركة، ولما هتف ضد الجولاني. وناشد لبن عناصر وقادة تحرير الشام الذين وصفهم بالشرفاء بقبول اعتذاره، ونفى خبر اعتقاله.
وتداولت حسابات في تلغرام تابعة للسلفيين المناهضين لتحرير الشام، تسجيلات مصورة أخرى لأشخاص تراجعوا عن تصريحاتهم المعادية لتحرير الشام والإنقاذ، بينهم ستيني مهجر من مدينة حمص ويعيش في إدلب، وجّه التحية للجولاني بعد أن ظهر في تسجيل مصور يشتمه فيه، ويشكو الفقر، محملاً الجولاني مسؤولية أزمة المعيشة وارتفاع الأسعار الذي تشهده المنطقة.
وفي تسجيل مصور آخر، ظهر أحد الأشخاص وهو يقدم اعتذاره من شركة وتد للمحروقات التابعة لتحرير الشام، بعد اتهامه لها بالتلاعب في وزن أسطوانات الغاز.
وسبق أن شهدت إدلب في 15 تشرين الأول/أكتوبر، مظاهرة شعبية ضد الإنقاذ وشركة وتد التابعة لها، بسبب احتكار الأخير لتجارة المحروقات، ورفع أسعارها بشكل كبير ومتكرر.
وقال سلفيون إن تحرير الشام تمارس سياسة كم الأفواه، وتنشر مخبريها وعناصرها الأمنيين في كل مكان في إدلب، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وتلاحق كل من يوجه لها الانتقادات، وتجبره تحت التهديد والضغط، على التراجع عن كلامه، والإدلاء بتصريحات جديدة تمجّد تحرير الشام وحكومتها وتمدح زعيمها أبو محمد الجولاني.
الشرعي السابق في تحرير الشام الجهادي المصري طلحة المسير، الملقب بأبو شعيب المصري، قال على تلغرام، إن “الناس في إدلب باتوا يخافون من الحديث عن أي شيء، وصل فينا الحال للقول: اسكت الحيطان لها آذان، مثل ما قبل الثورة، لا آمن على نفسي وأنا ساكت”.
وقال العضو السابق في تحرير الشام صالح الحموي على تلغرام: “عناصر تحرير الشام يهربون أمام الروس والنظام في ريف حماه وإدلب، ويجيشوا الأرتال على مجموعة أبو فاطمة التركي التي قتلت منهم 26 عنصراً، لكنهم يستأسدون على عجوزين لأنهما عبّرا بلسانهما ضد تحرير الشام وزعيمها، ويأخذونهم للتعذيب ويجبرونهم على التراجع عن أقوالهم، والله بشار الأسد استحى أن يفعلها يا سفلة”.
وفي المقابل، يرى فريق في تحرير الشام أن ما يحصل من حراك مناهض يهدف إلى هدم المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية لإثارة الفوضى. وقال عضو مجلس شورى تحرير الشام أبو الحارث الزبداني إن “انفراط عقد المؤسسات فيه خطر ظهور عصابات النهب والسرقة والتكفير والتفجير، فتستباح الدماء، وتنتهك الأعراض، وتؤكل الأموال. حوكمة ومؤسسات ولو قاصرة خير من انعدام الأمن والأمان والاستقرار”.
المصدر: موقع المدن
قد يعجبك ايضا