جهات حقوقية تدعو لفتح تحقيق مستقل في حوادث وفاة معتقلين بسجون “قسد”

جسر – تقرير

عبر المرصد “الأورومتوسطي” في جنيف  عن قلقه العميق إزاء وفاة محتجزين اثنين خلال أقل من شهر واحد في سجون قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بسبب ما يُعتقد أنّها ممارسات تعذيب قاسية على يد الميليشيا التي تسيطر على أجزاء من شرق وشمال سوريا.

وفي بيان صحفي أصدره اليوم الثلاثاء 8 آذار/ مارس، قال المرصد، إنّه تلقى معلومات تفيد بوفاة الشاب “مصطفى عمر الحمدو” بعد 6 سنوات من الاحتجاز، كما وثّق المرصد وفاة الشاب “يوسف محمد السلامة.

وذكر الأورومتوسطي أنّ “مصطفى عمر الحمدو” (38 عامًا) كان محتجزًا في سجن “علاي” في القامشلي بريف الحسكة، إذ قضى 6 سنوات من مدة عقوبته البالغة 7 سنوات، قبل أن تبلغ “قسد” زوجته أنّه توفي داخل السجن وتنقل جثته التي بدا عليها آثار تعذيب إلى مستشفى مدينة القامشلي شمالي الحسكة، حيث منعت عائلته من دفنه في مسقط رأسه في قرية الحمدو شمالي الرقة، وجرى دفنه في قرية “الشيخ حسن” جنوب الطريق الدولي “m4” شمالي الرقة.

وعلى نحو مشابه، اختطفت “قسد” الشاب “يوسف محمد السلامة الراشد” (37 عامًا)- نازح من مدينة القورية بريف دير الزور إلى الحسكة- مع عشرات آخرين على نحو تعسفي أواخر يناير/ كانون ثان 2022 خلال هجوم تنظيم “داعش” على سجن الصناعة بالحسكة، حيث اقتيد بعد اختطافه إلى جهة مجهولة، وظل قيد الإخفاء حتى أُفرج عنه بعد نحو عشرين يومًا، ولكنّه نقل عقب الإفراج عنه مباشرة إلى أحد مستشفيات الحسكة لتدهور حالته الصحية بسبب تعرّضه للتعذيب، ليتوفى بعد يومين فقط في المستشفى، وفق ما نشر أفراد من عائلته.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ حالات التعذيب في سجون “قسد” ليست فردية ولكنّها سياسة ممنهجة، إذ وثّق وفاة 3 محتجزين في سجون “قسد” بسبب التعذيب والمعاملة السيئة خلال العام الماضي فقط.

وفي يونيو/ حزيران 2021، نشر المرصد الأورومتوسطي تقريرًا وثّق فيه صنوفًا مختلفة من التعذيب يتعرض لها المحتجزون في السجون ومراكز الاحتجاز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتضمّن معلومات موثّقة عن مقتل 67 محتجزًا في سجون “قسد” بينم طفل وامرأة.

وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ “قسد” تستمر بلا هوادة في انتهاك حقوق المدنيين في مناطق سيطرتها شمال وشرق سوريا، وتمارس على نحو كبير الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري بحقهم، إذ وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان احتجاز وإخفاء “قسد” لـ3817 شخصًا منذ مارس/ آذار 2011، بينهم 658 امرأة و176 طفلاً، فيما بلغ عدد الذين ما يزالون قيد الإخفاء القسري 2216 شخصاً بينهم 98 سيدة و86 طفلاً.

وشدّد المرصد على رفضه للأساس الذي تحتجز بموجبه “قسد” المدنيين، إذ تقوم في معظم الحالات باحتجاز الأشخاص بعد رفضهم الخضوع للتجنيد الإجباري، أو بسبب آرائهم المعارضة لسياستها، وتحاول إسباغ الشرعية على هذه الممارسات من خلال مجموعة من النصوص والقوانين التي فرضتها دون أي معايير تشريعية أو قانونية.

كما انتقد المرصد الأورومتوسطي استمرار تدفق الدعم السياسي والعسكري من المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لـ”قسد” رغم انتهاكاتها الموثّقة لحقوق المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا، إذ ينبغي أن يتم تقييد جميع أشكال الدعم، وضمان عدم استخدام تلك الأموال والأسلحة في ارتكاب مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان.

وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي ” عمر العجلوني” إنّ حوادث الوفاة بسبب التعذيب في سجون “قسد” تمثل استهتاراً بالأرواح وتجسد غياب القانون واحترام حقوق الانسان.

وأضاف أنّ المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 أكّدت على أنّه “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطّة بالكرامة، وعلى وجه الخصوص لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو عملية على أحد دون رضاه الحر”.

ودعا المرصد الأورومتوسطي إلى تحقيق محايد ومستقل في حوادث الوفاة داخل سجون “قسد”، وتحديد المتورطين فيها وتقديمهم إلى العدالة، وإنشاء آلية رقابة مستقلة للتأكد من ظروف الاحتجاز داخل السجون ومراكز الاحتجاز التي تديرها “قسد” شمال وشرق سوريا.

وحث المرصد الأورومتوسطي المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على إجراء زيارة تقصي إلى السجون التي تديرها “قسد”، وتقديم تقرير حول ظروف الاحتجاز إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، للحيلولة دون تفاقم تلك الممارسات غير القانونية.

قد يعجبك ايضا