عودة تل رفعت إلى الواجهة: واشنطن تسعى إلى بلورة مقترح يطمئن أنقرة في شرق الفرات

تجدد الحديث المتعلق بمنطقة تل رفعت وباقي القرى المحيطة بها في ريف حلب الشمالي، والتي سيطرت عليها وحدات حماية الشعب الكردية في 2016 بتغطية جوية روسية إثر معركة قطع طريق حلب-غازي عنتاب مرورا بتل رفعت واعزاز الحدودية.

وتداول ناشطون سوريون قيام القوات التركية بعقد اجتماع مع القوات الروسية في المنطقة وتسيير دورية مشتركة بين القوات التركية والشرطة العسكرية الروسية.

وتسعى موسكو للحصول على مكاسب جديدة في المنطقة من خلال إظهار قوتها على اعتبار أن المنطقة تقع تحت النفوذ الروسي. وهي المنطقة الوحيدة التي تتقبل موسكو فيها وجود “وحدات الحماية” الكردية وهو الشريك الوحيد المتبقي لأمريكا منذ حربها على تنظيم “الدولة الإسلامية” بعد وقف دعم الفصيلين العربيين، فرقة الحمزة ولواء المعتصم بسبب مشاركتهما في معركة “غصن الزيتون” مع تركيا.

وفي السياق، نفى المتحدث باسم العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية كمال عاكف في حديث مع “القدس العربي” وجود أي مفاوضات بخصوص القرى العربية هناك وقال: “الموضوع مرتبط بما سيحدث في إدلب، توقعاتنا بأن محور أستانة بدأ في الوقوع في تناقضات وقد يكون هناك خلاف تركي – روسي محتمل” ولفت “نحن جاهزون للتعاون مع أي رغبة لدى الأطراف لتسليط الضوء على أهمية خروج المجموعات الموجودة في عفرين بما فيها تركيا”. ووصف التحركات الروسية الأخيرة في تل رفعت باعتبارها “نوعا من إبراز قوة النظام أو على الأقل وجوده الشكلي”.

وعن احتمال قيام تركيا بعملية عسكرية في تل رفعت ضد وحدات حماية الشعب بتوافق تركي روسي إيراني، لم يستبعد المتحدث ذلك لافتا إلى أن “الخطر التركي موجود، ولا يزال قائما ليس هناك فقط ولكن في عموم مناطقنا، لكن الوضع بعد عفرين قد تغير والمرحلة مختلفة حالياً عن المرحلة السابقة”. مضيفا: “لدينا استعداداتنا بهذا الشأن وأي محاولة لتكرار ما حصل في عفرين لن يكون في خدمة استقرار المنطقة”. وعن ارتباط عقدة تل رفعت بتفاهمات تركية أمريكية شرق الفرات أكد عاكف “عدم وجود مقايضات، لكننا منفتحون على أي تفاهمات استراتيجية”.

وألمح المتحدث إلى وجود تفاهمات استراتيجية لم يسمها. ورفض مشاركة تركيا في مشروع المنطقة الآمنة في شمال سوريا على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا، وهو المشروع الذي تحاول واشنطن بلورته مع تركيا للتخفيف من مخاوفها المتعلقة بحزب العمال الكردستاني أو الوحدات التي تعتبرها أنقرة ذراع الحزب. واتهم تركيا أنها “من تشكل الخطر على مناطقنا ولسنا نحن من نشكل الخطر عليها، ويجب أن يكون التركيز على درء الخطر التركي، ولا يمكن الحديث عن أي أمن أو استقرار بوجود الدولة التركية في مشروع المنطقة الآمنة” حسب قوله.

على الجانب الآخر، قال رئيس المكتب السياسي في مجلس تل رفعت والمفوض عن المنطقة المعنية: “حقيقة لا شيء واضحا، ولا تغيُّر على الأرض من ناحية انتشار القوى، وما زالت القوة الأكبر في تل رفعت هي لوحدات حماية الشعب مع وجود روسي وميليشيات تابعة للنظام السوري” ولفت إلى أن المقاتلين الكرد يرتدون زي النظام العسكري. ونفى وجود أي تحرك حقيقي على المستوى السياسي حتى اللحظة.

ونوه بشير عليطو إلى ضبابية الوضع في المنطقة بين الروس والأتراك وعدم التوصل إلى اتفاق نهائي حتى الآن. ونفى عودة أي من مهجري القرى العربية تلك أو عمليات اخلاء “ما زالت بيوت تل رفعت مشغولة بعوائل مقاتلي الحزب بالكامل. وليست هناك أي مغادرات يمكن وصفها بالإخلاء كما يُروج، وليس هناك أي بلاغ رسمي من تركيا للنازحين أو الحر، ولا من الروس للمحتلين” حسب وصفه.

وعلمت “القدس العربي” أن فريق المبعوث الأمريكي إلى سوريا جيمس جيفري التقى عددا من الفعاليات السياسية والمحلية وزار الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة محاولا تسويق المقترح الأمريكي المتعلق بأنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا لا تتواجد فيها وحدات حماية الشعب الكردية، وهي من القوات العربية التي تلاقي قبول الجانبين، بحيث يمكن دمج بعض مقاتلي مجلس دير الزور العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية، ومقاتلي لواء ثوار الرقة، إضافة إلى مقاتلي “قوات النخبة” التي تتبع إلى رئيس الائتلاف الأسبق أحمد الجربا والذي عاد إلى تركيا مؤخرا.

وأشار مصدر مقرب من الفريق إلى أن دمج المقاتلين العرب قد يلقى قبولا لدى الطرفين، وهو ما يعول عليه المبعوث الأمريكي.

ومن غير المستبعد رفض أنقرة لهذا المقترح شريطة عدم إشراك المقاتلين العرب التابعين إلى “قسد” في المشروع غير المنجز والذي ما زال عبارة عن خطوط عامة وأفكار غير ناضجة بين الجانبين.

وقال المصدر لـ”القدس العربي” إن المقترح يحفظ أمن تركيا من خلال إبعاد المقاتلين الأكراد عن الحدود ويعطي تركيا حق السيطرة وضبط المعابر التجارية وإدارتها وخصوصا معبر تل أبيض، وفتح معابر جديدة في عين العرب “كوباني” ومعابر أخرى أقصى شرق محافظة الحسكة. ووصف المقترح بالمغري لتركيا كونه سيقوي نفوذها في شرق الفرات ويحسن حركتها التجارية إلى سوريا، ويعطيها مزيدا من النفوذ في المحافظات الثلاث الشرقية.

لا شك أن المقترح المذكور أعلاه، سيولد حساسية كبيرة بين روسيا وتركيا في حال وافقت أنقرة عليه وسيهدد مسألة إدلب بشكل أو بآخر وسينعكس على التفاهمات بين الأطراف الثلاثة الضامنة لمسار أستانة.

نقلا عن القدس العربي ١٤ نيسان ٢٠١٩

قد يعجبك ايضا