مسجد “سيدي خالد” بين التدمير والتشويه

آرام الفرات

تعرض المئذنة والقباب للقصف

جسر: ثقافة:

يُعد مسجد خالد بن الوليد أبرز المعالم التاريخية في حمص، ويتمتع برمزية تاريخية ودينية كبيرة، شأنه في ذلك شأن الكثير من المباني التاريخية في سورية.

جامع “سيدي خالد” في 2008/ويكيبيديا

يعود بناء المسجد إلى عام 1265، حيث قام الظاهر بيبرس ببناء ضريح خشبي تكريما لخالد ابن الوليد وابنه عبد الرحمن، وكان الضريح مزخرفا بالكتابات الإسلامية مع غطاء للقبر من الديباج الأسود، وقد تم تجديد هذا الضريح عدة مرات. وألحق بالمسجد خانقاه للصوفيين وتكية للفقراء ولإطعامهم ومدرسة هي المدرسة الظاهرية، بالإضافة لحمام بقي في العمل حتى منتصف الستينيات من القرن الماضي.

صورة نادرة للجامع أثناء أعمال البناء في 1908

وفي عام 1908 قام ناظم باشا والي الشام بتجديد المسجد المملوكي القديم بإيعاز من السلطان عبد الحميد الثاني، وبُني المسجد الحالي فوق الجامع المملوكي القديم، فكان البناء الجديد على نمط جامع السلطان أحمد في إسطنبول، حيث أشرف على بنائه المهندس التركي علاء الدين أولصون، وتجدر الإشارة إلى أن معماريين مسيحيين شاركوا في بناء المسجد ومنهم عارف وإيميل ومطانيوس خزام، وتم الانتهاء من بنائه في عام 1912.

 

تعلو المسجد تسعة قباب، ومئذنتين، ويضم داخله ثلاثة محاريب، وبُني المسجد وفق نمط البناء المعروف بالأبلق؛ وهو أحد الأنماط المعمارية المعروفة تناوب فيه الحجارة السوداء والبيضاء.

تعرض المئذنة والقباب للقصف

وتذكر المصادر التاريخية أن مدينة حمص هي المدينة الوحيدة التي سلمت من تدمير القائد التتري تيمورلنك إكراما لخالد بن الوليد وذلك في القرن الثامن الهجري، وقال قولته المشهورة: “يا خالد.. إن حمص هديتي إليك من بطلٍ إلى بطل. وبالمقابل؛ وفي العام 2013 تعرض الجامع للقصف، ودُمرت قبته الكبرى والمئذنة، بالإضافة للضريح من الداخل، وذلك بعد قيام قوات النظام وما يرافقها من عناصر حزب الله بالعبث بالأضرحة وتدنيسها.

ضريح خالد بن الوليد بعد العبث به

ترميم رديء أم تشويه مقصود؟

في عام 2016 قامت وزارة الأوقاف السورية بترميم المسجد، في ظل اعتراضات عديدة على سوء تنفيذ أعمال الترميم التي أدت إلى تشويه الجامع، وتجدر الإشارة هنا إلى ان أعمال الترميم تمت بتمويل من صندوق “أحمد قديروف” الاجتماعي الخيري الشيشاني، إلا أن الاختصاصيين في هذا المجال يرون أن التشويه كان متعمداً تحت اسم “الترميم” وتزييفا لجمالية المسجد وعمارته التاريخية، حيث استُبدلت الحجارة الأصلية في الأروقة والصحن بالرخام والسيراميك، وأُزيلت كل معالم الضريح السابق.

تدمير جزء من السور والصحن

وعلى الرغم من قيام المديرية العامة للآثار والمتاحف بترميم الضريح الخشبي الذي أهداه الظاهر بيبرس لجامع “سيدي خالد” إلا أن التشويه أصبح واضحا للعيان بشكل أكبر حتى للعين غير الخبيرة، وخصوصا بعد إضافة قفص الزجاج للضريح!. ويشير الآثاري بسام مصطفى إلى أن هذه العمليات تختص بأجزاء منهارة أو مفقودة، وأن إعادة البناء هي إعادة تجميع أجزاء المبنى الأثري وتكوينه من جديد بشكل كامل أو جزئي، وأن أعمال إعادة البناء تقترن عادة بالكوارث التي تحل على المباني كالزلازل والفيضانات والحرائق، ويتطلب ذلك إجراء دراسات معمّقة وفقا لوثائق وبيانات دقيقة. وعليه فإن ما حصل من تخريب أو تدمير للمبنى أو إعادة ترميم كلاهما يُعتبر جريمة بحق المسجد وتدميرا للإرث الحضاري وتشويها لمعالمه التاريخية.

قد يعجبك ايضا