من يقف وراء الفلتان اﻷمني في الجنوب؟

رشيد حوراني

جسر: درعا:

“في أغلب اﻷحيان، من الصعب أن نميز بين هدف مكافحة الإرهاب والعنف الذي تمارسه الحكومة ضد مناوئيها، وهذا من أسباب تصاعد التوتر مجددا في المناطق الجنوبية الغربية من سوريا التي تم تحريرها بموجب اتفاقيات وقعت مع قسم من المعارضة المسلحة حول تقاسم سلطة محلية شبه مستقلة في تلك المناطق. ما أدى إلى تزايد عمليات القتل والتهديد والخطف في ظروف غامضة على خلفية الاعتداءات التي قامت بها المخابرات السورية”، بهذه الكلمات كانت المنطقة الجنوبية حاضرة على لسان السفير الروسي السابق ألكسندر اكسينيوك في حملة الانتقادات الروسية التي طالت نظام الأسد والإشارة إلى سوء تصرفاته السياسية والاقتصادية.

من جانب آخر تُظهر دعوة قائد ميليشيات مغاوير البعث جهاد بركات إلى إبادة أهالي درعا، حين قال إن “استشهاد أي ضابط أو عسكري يجب أن يقابله إرسال كل أهالي الإرهابيين الذين يقاتلون الدولة إلى جهنم، ليكونوا عبرة للآخرين، وأعني الكبير والصغير والمقمط بالسرير؛ درعا طاف الكيل”، تُظهر مدى العجز والتقهقر الذي وصلت إليه قوات النظام هناك.

الصراع على النفوذ وراء الاضطراب الأمني

الناشط الإعلامي مصطفى النعيمي اعتبر أن هنالك صراع خفي تقوده الميليشيات الطائفية متعددة الجنسيات وفي طليعتها الحرس الثوري الإيراني، والمتمثل في مشروعي الفرقة الرابعة والفيلق الخامس، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الفرقة الرابعة تتبع للمشروع الإيراني في حين الفيلق الخامس يتبع للمشروع الروسي، وخلافهما على النفوذ في المنطقة الجنوبية من خلال تحريك أذرعهما في المنطقة بحيث يقوم عناصر المكونين بحملات اغتيالات مستمرة، والغاية منها عدم استقرار المنطقة تمهيدا لطلب الأهالي لعودة مؤسسات النظام.

كما اعتبر أن سياسة التشكيل الحديث المسمى بالفيلق الخامس والذي ضم معظم من أجرى مصالحات مع النظام، وعلى رأس هذا التشكيل المدعو أحمد العودة القيادي في الفيلق، تتعارض مع إيديولوجيا الفرقة الرابعة التي تتبع لإيران بشكل مباشر، والتي تدفع عناصرها المدعومين بنخبة من العناصر المقاتلة من ميليشيات حزب الله والحرس الثوري الإيراني، مقاتلين عقائديين، للانتقام من كل من يرفض عودة سيطرة النظام على المنطقة ككل؛ علما بأن المنطقة مازالت بشكل أو بآخر تخضع للسيطرة الروسية بشكل مباشر من خلال الفيلق الخامس.

محاولة الاستثمار في الطاقة البشرية الموجودة في درعا

نظرا لطول أمد المعارك والخسائر الفادحة التي تعرض لها النظام في العدة والعتاد؛ حاول منذ فرض التسوية في جنوب سورية الضغط على أبناء المنطقة المدعوين لخدمة العلم أو المطلوبين للاحتياط، ويؤكد الناشط الإعلامي مصطفى النعيمي، أنه ومع اشتعال الجبهات في معركة إدلب، وبسبب افتقاد النظام للعنصر البشري؛ لجأ إلى تنفيذ حملات المداهمة والمتابعة للعناصر المنشقين ممن لم يتم تجنيدهم في الفيلق الخامس، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتعارض مع التعهدات الروسية التي نصت على عدم سحب أبناء درعا وإيقاف حملات التجنيد الإجباري المستمرة بحقهم.

ضابط منشق من أبناء درعا مقيم في الأردن رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية اعتبر أن النظام وحلفائه يريدون الاستثمار في الطاقة البشرية الموجودة في درعا سلبا وإيجابا، ولأهداف متعددة يقع على رأسها إفراغ المنطقة من الفئة الشابة التي تواجه النظام ومخططاته، وذلك من خلال تجنيد هذه الفئة للقتال في ليبيا إلى جانب قوات حفتر، أو من خلال توريط فصائل التسويات في درعا في معارك طاحنة مع فصائل مدينة السويداء المحلية للانتقام من الطرفين؛ فصائل المصالحات وفصائل السويداء التي رفضت مسايرة النظام وخططه، وعند الفشل فيما تم عرضه من أساليب يتم العمل على تصفية المؤثرين منهم، ولهذا ترتفع نسبة الاغتيالات.

كما أن الاختراقات الأمنية المتبادلة بين النظام وحزب الله، وفق قوله، أوقعتهم في شر أعمالهم وباتت الاغتيالات تقع يمنة وشمالا وحتى من ضمن المحسوبين عليه، اﻷمر الذي بات مؤكدا عند كثير من المعارضين للنظام.

فعلى سبيل المثال جُند المدعو محمد جمال الجلممن بلدة جاسم، وهو شخص معروف بتأييده النظام وحزب الله، وعمل على تجميع كل القيادات القديمة من الفصائل السابقة والدواعش والإسلاميين، وتمت مبايعته على ما يسمى المناصرة“، وهي الفزعة في عرف أهالي حوران؛ وذلك قبل اقتحام النظام لمدينة الصنمين، بهدف التواصل مع المجموعات التي تنشط سرا ضد النظام واختراقها، ولتشجيع الذين يعملون سرا للتواصل معه لتنسيق أعمالهم ضد النظام، ومن ثم يقوم هو بإعلام النظام عنهم، وتأكد هذا الأمر لثوار درعا بعد العمليات العسكرية التي شهدتها مدينة طفس، حيث تواصل المدعو الجلممع بعض القيادات التي فضلت البقاء في الأردن، على أن يعطوه مواقع مخازن الأسلحة الخاصة بهم ولم يسلموها للنظام عند التسوية.

يُشار أنه وبعد استهداف العديد من ضباط قوات النظام في الآونة الأخيرة في محافظة درعا وريفها فقد تقرر بأن يتم التمويه أثناء خروجهم وتحركهم باللباس المدني بدلا من اللباس العسكري، وأن تكون التنقلات بسيارات مدنية بدلا من السيارات العسكرية خوفا من استهدافهم من قبل مجهولين.

قد يعجبك ايضا