طفل من ضحايا الحرب: سرقة دون مبرر وبحث عن أم بين المشرفات

جسر/ درعا
ساعات قليلة يقضيها مع أقرانه علهم يحصلون على”دعم نفسي” في المركز الذي خصص لهذه الغاية، إلا أن حرب الثماني سنوات قد لا تكون تلك الساعات المعدودة كافية لمحو ما خلفته من آثار.

في مركز الدعم النفسي بريف درعا بدأ بعض الأطفال يلحظون ضياع أقلامهم وأغراضهم حتى أحذيتهم فقدت، إذ أنهم يجلسون على سجادة عند الدخول إلى المركز، حامت الشبهات حول شادي  ابن الأحد عشر عاماً وشقيقته التي تصغره بعامين وبالفعل كانا وراء تلك السرقات.

حاول المركز مواجته على انفراد بتلك السرقات، إلا أن وجهه الأسمر ظل جامداً لم ينكر ولم يعترف، وكل ما حدث أن قامت أخته الصغيرة بإرجاع الأحذية في اليوم التالي.

شادي وشقيقته الصغيرة طفلان لأب معتقل منذ سنوات من قبل قوات النظام، وأم مطلقة انقطعت أخبارها منذ زمن، وبذلك تولى أقاربهما مسألة رعايتهما، ورغم أنهما لم يكونا فقيرين، إلا أنهما قاما بتلك السرقات.

تقول المشرفة آلاء “يومياً يفقد الأطفال بعضاً من اغراضهم ونتفاجئ جميعاً بسرقة بعض احذيتهم، و لدى متابعتنا الموضوع، عرفنا أن شادي هو من قام بذلك مع اخته الصغيرة، هو بدون شك لا ينقصه شيء و مكتف مادياً، و لكن ربما تلك التصرفات تعود الى نفسيته المتعبة من الحرب أو ربما لفقده والديه معاً، وأرغم على الحياة في وسط قد لا يناسبه و لم يعتد عليه، و ما تصرفاته تلك إلا مجرد كسور في شخصيته او جروح في نفسه، قد تجبر او تلتئم مع الزمن إذا وجدت من يراعيها، وربما تتفاقم وتضعه في منعطف خطير قد لا يقوى على تجاوزه”.

يقوم شادي بتصرفات “غريبة” كما تصفها إحدى المشرفات، إذ أنه يقوم بالاقتراب من المشرفات، ويحاول لمس ايدهن أو يضع وجهه على أيدهن الأمر الذي تفسره أخصائية اجتماعية في المركز بأن يدل على حاجته لحنان الأم و افتقاده لها أو ربما لفقدانه والديه بآن معاً، لذلك يسعى لتعويض هذا النقص بالاقتراب من نساء قد يشبهن أمه في العطاء او الحنان.

تقول المشرفة “شادي بحاجة الى بعض الأنشطة لتقويم سلوكه او تعديل بعض الاضطرابات السلوكية التي يعاني منها، وتتضمن هذه الانشطة تنشيط الشعور بالثقة بالنفس لديه، و زيادة التركيز على الحد من الخوف الذي كان قد تعرض له، وهذا أقصى ما يمكن ان نقدمه له كمركز دعم يعنى بالانشطة لتقويم السلوك”.

شادي حالة من عشرات الحالات في ذلك المركز، ومن مئات آلاف الحالات بين أطفال سورية بأكملها، فجيله هو الخاسر الأكبر بين أطراف النزاع، وبحسب المشرفين “يحتاج تقويم سلوك أطفال الحرب في سورية إلى جهود جبارة من أجل الوصول إلى منحهم الحد الأدنى لما يحق للطفل أن يحصل عليه”.

 

 

قد يعجبك ايضا