أصفر ونجار.. فرصةالنهضة الزراعية التي سحقها التأميم (١من٣)

أسامة قاضي

جسر: اقتصاد:

دمر قانون الإصلاح الزراعي 1958 والتأميم 1963، شركة أصفر ونجار رائدة النهضة الزراعية السورية، في وقت مبكر جداً، واستولت الحكومات البعثية على جميع مشاريعها مع تجهيزاتها البالغ ثمنها مئات الملايين من الدولارات، ومئات الآلاف من الهكتارات من الأراضي مع الآليات التي عليها، دون تعويض، خلافاً للقانون والعدل، بل طولب أصحابها، بدفع ديونهم بعد سلب ممتلكاتهم إمعاناً في التدمير والظلم.

شركة أصفر ونجار إخوان شركة تضامنية وأعضاء مجلس إدارتها هم: مسعود أصفر رئيس المجلس، عبد المجيد نجار، لطفي نجار، شكري نجار، يعقوب نجار، الياس نجار، وانضم عام 1954 إدوار أصفر كمراقب، وكان مجلسها يجتمع في حلب أو القامشلي.


في عام 1945 اشترت الشركة عشرين ألف متر مربع في البلليرمون في حلب، لفتح فرع لها، (لديهم ميزان أرضي بطاقة خمسين طن)، وأسست في حلب مجمع كبير -تم استيراده من ايطاليا- لتجفيف الأرز بواسطة الحرارة بطاقة 200 طن يومياً من الأرز غير المقشور.

كما اسست مصنع لقشر الأرز، كان الوحيد حينها في الوطن العربي بطاقة يومية لتقشير وتبييض 100 طن من الأرز الخام، 100 طن أرز يومياً في حلب، يعني أنه لا داع لما يسمى بالبطاقة الذكية أو لبونات الرز”المستورد” زمن “المعجزة الاقتصادية البعثية”.


وفي عام 1952 أسسوا شركة تجارية في دمشق، وعينت لها وكلاء في “ألمانيا وايطاليا وفرنسا وانكلترا والدانمارك” وخاصة في بورصة “الشعير” في “لندن”، وخلال بضع سنوات، تمكنت الشركة من تصدير ما يزيد على ثلاثمئة ألف طن من “الشعير”، ومئة ألف طن من “القمح” إلى “أوروبا”، واستوردوا الشاحنات والمقطورات الزراعية والجرارات والحصادات والدرّاسات والتراكتورات وغيرها من مستلزمات الصناعة الزراعية.


عملت شركة “أصفر ونجار” بالزراعة وأصبحت العائلة الزراعية الأولى في المحافظة، إن لم يكن في “سورية” فقد كانت تزرع “القمح والقطن والشعير والأرز” في مساحات زراعية قدّرت بستين كيلومترا مربعا موزعة بين “القامشلي” و”رأس العين”، ومؤسسوها أول من أدخلوا الوسائل الحديثة في الزراعة إلى المحافظة وإلى الشرق الأوسط، حيث استوردوا من أمريكا الشمالية 1936 جرار “كيز” الذي يعمل على الكاز، وحصادة رباطة من ماركة “ماسي هاريس”، وفي عام 1938 استوردوا تراكتور كاتيربيلار الأمريكي، والحصادة الدراسة من ماركة جون دير.

تعاقدوا عام 1942 مع ورثة إبراهيم باشا، وأخذوا على عاتقهم استصلاح الأراضي البائرة بحدود 300 ألف هكتار، واستعملوا وسائل الري الحديثة بالرش الاصطناعي لزراعة القطن واستيراد معداتها من ألمانيا عام 1955، ما يعني أن الأساليب الحديثة للري دخلت إلى سوريا منذ 65 عاماً وليست من منجزات الحركة التصحيحية!.

ساهموا ب40% من قيمة إنشاء شركة “كهرباء القامشلي” عندما دعاهم محافظ الحسكة المرحوم الأستاذ عبد القادر الميداني للمساهمة.

نعم منذ 80 عاماً دخلت الألات الحديثة الزراعية إلى سوريا، تصوروا لو أننا مكنّا لهذه الشركة في المكننة الزراعية، واستفدنا من تراكم خبراتها…ألم تكن لدينا نهضة زراعية عالمية ليس لها مثيل في القرن العشرين؟..شكراً للتأميم!

اضافة إلى ذلك، أسست الشركة فرعاً للنقل واستوردت لذلك أسطولاً من الشاحنات “قاطرة ومقطورة” بحمولة صافية 50 طناً وعددها 40 شاحنة .

آل أصفر ونجار يكفيهم فخراً انهم لم يسلبوا أرضاً أو يستولوا على شبر واحد بل اشتروا الأراضي ودفعوا ثمنها وأسكنوا الفلاحين فيها، وليس كما تحب أدبيات البعث تصوير كل مالك أرض أنه إقطاعي وتنزل عليه سيل الشتائم!.

يتبع في جزئين آخرين

قد يعجبك ايضا