استبدال الليرة السورية بالتركية: تنازل عن رمز سيادي مقابل الحفاظ على القوة الشرائية!

جسر: اقتصاد:

ما تزال مسألة استبدال العملة السورية بالعملة التركية في الشمال المحرر تثير جدلاً، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو بين المختصين والخبراء. وزاد من حدة النقاشات ما اذيع عن نية الحكومة المؤقتة استبدال تعاملاتها من الليرة السورية إلى الليرة التركية، في مناطق درع الفرات وغضن الزيتون ونبع السلام.

د.سعيفان: النقود ترسم الحدود

وتعليقاً على ذلك قال الدكتور سمير سعيفان في منشور على صفحته في “فيس بوك” : “من المفهوم أن يميل الناس في مناطق ما يسمى (درع الفرات ، غصن الزيتون، نبع السلام) للهروب من الليرة السورية، مع التدهور الكبير والسريع في أسعار صرفها، واللجوء إلى عملات أخرى (الليرة التركية) لحماية ما تبقى من مستوى معيشتهم المتدهور أصلاً، بينما السوريين في مناطق سيطرة النظام لا مهرب لديهم”.

لكن سعيفان اعتبر أن الأمر ذو جانب سياسي، وقال “العملة الوطنية رمز من رموز السيادة، وهي تقف إلى جانب العلم الوطني، والليرة السورية ليست ملكاً لبيت الأسد، وفي حال استمرت حالة الأراضي السورية مقسمة بين سيطرات مختلفة لقوى غير سورية تتصارع على أرضها، فإن استبدال العملة يسهم في تكريس واقع التقسيم، فالنقود ترسم الحدود”.

وأضاف “النقود هي احد مكونات الهوية، وترتبط بالتكوين النفسي لأفراد الوطن الواحد، لذا فتداول أكثر من عملة على رقعة الوطن تضع اللبنات الأولى للتقسيم إذا ما استمر الزمن، خاصة حين يترافق مع جوانب أخرى مثل مناهج التعليم ورفع الأعلام وغيرها”.

وأكد سعيفان أنه يتفهم تماماً حرص الحكومة المؤقتة على حماية ما تبقى من مستوى حياة المواطنين في مناطق خارج سيطرة النظام، إلا أنه اعتبر “الحري بها أن تصمت ولا تتكلم، فهي وفقاً لسعيفان، تحظى بسيطرة شكلية على المناطق، ووزاراتها بلا جسم حقيقي”.

وبين سعيفان أن الحكومة المؤقتة ” تتخذ قراراً لاستعمال عملة لا سيطرة لها عليها، فهي لم تحدث مصرف مركزي وليس لديها مال كي يكون لها دور أو تأثير، وبالتالي كان الأجدى لها أن تصمت، لا أن تتخذ هذا القرار الذي له دلالة سياسية، وقد يكون تداعياته سلبية في المستقبل، إذا ما طال الزمن”.

د.أسامة القاضي: يجب أن يمكين للمؤقتة وأن تلغى “الإنقاذ”

أما الدكتور أسامة قاضي فيعتقد أن الناس تميل للاعتماد على عملة مستقرة، وفي الحالات التي تفقد فيها عملة بلد ما استقرارها، يسعر تجار المفرق والجملة بضاعتهم بعملتين، وهذا حدث في لبنان اثناء الحرب الأهلية، ولا زال إلى الآن، كما حدث في فنزويلا وفي كثير من دول العالم.

وفي تصريحات لجسر قال القاضي: “لا يمكن أن تنجح عملية التسعير بسعرين العملة الوطنية زائد عملة منطقة النفوذ في مناطق خارج سيطرة النظام، مالم يتم تمكين الحكومة المؤقتة وإلغاء حكومة الإنقاذ، والاتفاق على إدارة واحدة تدير كل المناطق الخارجة عن قبضة النظام، نظراً لأن ذلك يحتاج إلى ترتيبات مع الحكومة التركية، في كل المناطق، حتى لا يتضرر الاهالي من انهيار العملة الوطنية”.

واعتبر قاضي أن هذه الاجراءات مؤقتة إلى أن يتم التوصل إلى الحل السياسي، وعندها فقط نستطيع الاكتفاء بعملة وطنية واحدة.

وأكد القاضي على “ضرورة التزام جميع التجار بائعي الجملة والمفرق، بوضع سعرين وليس الاكتفاء بالليرة التركية فقط، لانه لا زال هناك سوريين معهم عملة سورية ودخلهم بالليرة السورية”، لافتاً إلى أنه “عندما تكون الحكومة المؤقتة ممكنة بشكل جيد تضع سعر خاص لفترة محددة، لاستبدال العملة بسعر متهاود وليكن 1000 ليرة سورية لكل ليرة تركية، حتى يتم استبدالها لفترة مؤقتة لمجموعة محددة من للموظفين، حتى يتم التخفيف عنهم من وطأة انهيار العملة وتدهورها”.

 

وأوضح قاضي أن  “تمكين الحكومة المؤقتة من شأنه أن يؤدي إلى ضبط أسعار الصرف وضبط الحدود، بشرط أن يكون لديها قوة شرطية خاصة بها لحماية الصرافيين، أما بالنسبة للتجارة مع مناطق سيطرة النظام، فعلى التجار بيع ما يرتأونه تحت إدارة الحكومة المؤقتة بالدولار او الليرة التركية، وبالمقابل الشراء بالليرة السورية، فهم يشترون من مناطق سيطرة النظام لو احتاجوا لشيء، فقد لا تكون المنطقة الخارجة عن سيطرة النظام مكتفية ذاتيا وقد تحتاج إلى بضائع من مناطق سيطرة النظام وكلها أراض سورية، لكن على الحكومة المؤقتة كإدارة ان تبيع بالدولار والليرة التركية وتشتري منهم بالليرة السورية لفترة محددة حتى تنتهي من تداول الليرة السورية الموجودة، وتدريجياً تبدأ الليرة السورية بالاختفاء من التداول حتى يكتب لها الاستقرار”.

ونوه قاضي إلى ان كل دول العالم التي مرت في تحولات من هذا النوع ودخلت مرحلة التضخم الجامح، سعرت كل بضائعها بسعرين العملة الوطنية والدولار أو عملة اخرى مستقرة.

وقال وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، الدكتور عبد الحكيم المصري في تصريحات إعلامية إن “العملة التركية متواجدة منذ زمن في السوق ويتم تداولها في المناطق المحررة شمال غرب سوريا”، مؤكداً أن  رواتب المؤسسات العسكرية والمدنية تدفع بالليرة التركية والمنظمات بالدولار الأمريكية.

واعتبر  المصري التوجه أن التعامل بالليرة التركية سيحافظ على استقرار القوة الشرائية للناس، ويمنع انهيار التجارة وافلاس التجار، بسبب انهيار الليرة السورية.

قد يعجبك ايضا