موسم القمح في دير الزور

[blockquote align=”right” author=””]موسم القمح في دير الزور
حقول الحنطة ميداناً للمعارك.. صاروخ سكود يحرث الارض والنيران تلتهم الزرع والتجار يتحكمون بالأسعار
المجاعة قادمة مع توقعات بتراجع انتاج القمح 1.6 مليون طن في سوريا
في السابق كنا نبيع المحصول بأسعار أفضل بكثير من “المزاد”
القصف وفقدان الأسمدة وارتفاع أسعار المحروقات أدى لتراجع المساحات المزروعة
نسبة خسارة كل فلاح الوسطية 65% مما كان يجنيه سابقاً[/blockquote]

غيث الأحمد- دير الزور

تراجع إنتاج القمح إلى 2 مليون طن في العام الماضي، بعد أن كان إنتاج سوريا يتراوح بين 4 – 4.5 مليون طن سنوياً، أي أن إنتاج المحصول الاستراتيجي تراجع بمقدار النصف تقريباً خلال موسم عام 2012.
وتشير التوقعات الحالية أن إنتاج القمح لن يزيد عن 1.6 مليون طن للعام الحالي 2013، أي تراجع الإنتاج بنسبة 65%، فمع بدء المعارك تحولت غالبية الأراضي لساحات قتال وباتت جميع الأراضي هدفاً لصواريخ وقذائف النظام مما أدى إلى نزوح أغلب الفلاحين وإهمال زراعتهم وحقولهم، ما يعني نقصاً كبيراً وحاداً في مادة الطحين والخبز التي تعتبر القوت اليومي والغذاء الرئيسي لمعظم السوريين.

إحراق المحاصيل
تعتبر زراعة القمح والقطن من أهم الزراعات التي يعتمد عليها الفلاحون في ريف محافظة دير الزور، وفي بداية شهر حزيران يسارع الفلاحون إلى جني ثمار تعبهم الذي زرعوه، وتأمين لقمة عيشهم وعيش أولادهم، ويعمل أغلب العوائل في الزراعة وتربية الماشية وتعتبر مصدر الدخل الأساسي لهم.
أبو مرعي (56 عاماً) أحد سكان قرية الخريطة، لم ينزح عنها مع باقي أفراد أسرته والبالغ عددهم 8 وفي موسم زراعة القمح تعهد بزراعة أرضه وتأمين القمح للقرية بالإضافة إلى توفير لقمة عيشه وعيش أسرته.
يكشف أبو مرعي لـ جسر “لدي 3 من أولادي انضموا للجيش الحر وهذا ما كلفني الكثير حيث أنه في موسم الحصاد العام الفائت قام عناصر الأمن بحرق كامل محصولي بسبب علمهم بانضمام أولادي للجيش الحر”.
وتابع “وفي هذا العام زرعت أرضي من جديد لتأمين القمح لسكان القرية على الرغم من الخسارة الكبيرة التي لحقت بي في العام الفائت، كما أنني لا أملك أي عمل أخر ولا أجيد أي صنعة أخرى غير الزراعة”.

سكود يحرث الارض
ويشير أبو مرعي أنه مع عودة القصف من قبل قوات النظام على قرية الخريطة، التي تعتبر تحت سيطرة عناصر الجيش الحر، جعل جزءاً كبيراً من أرضه المزروعة تحترق قبل حصد المحصول، والتي نالت حتى الآن العديد من قذائف الهاون، بالإضافة إلى صاروخ سكود أحدث حفرة قطرها 200 متر وجعل ترابها تتطاير إلى بعد 700 متر وترك خراباً كبيراً في المحصول.

مزاد يتحكم به التجار
ويمتلك أبو فاروق في مدينة البوكمال أرضاً مساحتها 22 دنماً يعمل فيها برفقة أولاده السبعة، ويعتمد على زراعة القمح والقطن ليعيش من خلالها، ويقول أبو فاروق “هذا العام لم أزرع كامل أرضي فنسبة الأراضي غير مزروعة تصل لأكثر من 60%، بسبب الشح في الأسمدة وارتفاع أسعارها بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الديزل الذي نؤمن من خلاله وصول الماء للأراضي الزراعية عبر المضخات”.
ويضيف أبو فاروق أن “الموسم لهذا العام سيء جداً، وما زاد الطين بلة هو تجمع عدد من التجار لشراء محصول القمح في ما يسمى (المزاد) الذي مركزه مدينة الميادين، نلجأ اليه مرغمين، بعد سرقة مراكز الحبوب والصوامع وبيع جميع المخزون في تركيا وسيطرة جبهة النصرة على تلك المراكز”.
ويضيف “كنا في السابق نبيع المحصول بأسعار أفضل بكثير من “المزاد” والذي يعتبر بمثابة السوق السوداء، حيث أن تجار المزاد يتفقون على سعر منخفض بينهم لشراء القمح من الفلاحين”.
الأراضي تحتاج لمعالجة
ومن جهته قال المهندس الزراعي المختص باستصلاح الأراضي سائد الأحمد لـ “جسر” إن الحرب الدائرة في المنطقة أثرت بشكل كبير على الواقع الزراعي، حيث أن معظم السكان يعملون بالزراعة وتربية المواشي وليس لديهم دخلٌ أخر، مشيراً أن الجفاف وانتشار العديد من الأعشاب الضارة وتدهور حالة التربة وجعلها غير صالحة للزراعة، وبحاجة للمعالجة بسبب عدة عوامل، ارتفاع أسعار المحروقات اللازم للمحركات الزراعية بأنواعها، وبالتالي عدم التمكن من السقاية الضرورية لتلك الأراضي، إضافة إلى هجرة الفلاحين إلى القرى أو الدول المجاورة بسبب القصف على المنازل والحقول، والذي أدى إلى إهمال أراضيهم وعدم رش المبيدات الحشرية، وأدوية التربة.

الخسائر 65%
وأكد الأحمد أن رجال الأمن منعوا الفلاحين من دخول حقولهم ليتسنى لهم السرقة والسلب والنهب لكل أنواع المحاصيل الزراعية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية اللازمة للزراعة من سماد وبذار وغيرها ما أدى إلى زيادة تكلفة زراعة دونم الأرض، مبيناً أن جميع هذه العوامل جعلت موسم الفلاحين الزراعي ينحدر كثيراً وتصل نسبة خسارة كل فلاح الوسطية إلى 65%.
مجاعة على الطريقة الصومالية
كشف بيان لمنظمة الفاو للأغذية والزراعة عن تدهور الإنتاج الزراعي ومستوى النقص الحاصل في أهم المحاصيل الزراعية في سوريا ومن بينها القمح والشعير بشكل خاص. وذكر أن انعدام الأمن وعدم الاستقرار تسبب في تشكيل خطورة وصعوبة كبيرة للمزارعين في الوصول إلى أراضيهم لجني المحاصيل الزراعية ونقلها إلى الأسواق.
وقدر التقرير أعداد المزارعين القادرين على الوصول إلى حقولهم وجني المحاصيل الزراعية بنسبة 45% فقط، وأن النقص الحاصل في مادة المازوت والأسمدة وانقطاع التيار الكهربائي وحرق المحاصيل من قبل قوة الأمن ساهم أيضًا بشكل كبير في تراجع إنتاج القمح.
في ضوء المعلومات أعلاه والتوقعات بتراجع إنتاج سوريا من القمح بنسبة 65% للعام الحالي 2013 وتوقع ارتفاع مؤشرات أسعاره عالمياً، وانعدام قدرة النظام على تمويل عمليات الاستيراد، فإن كثير من المراقبين يتحدثون عن أن سوريا على حافة مجاعة تشبه ما حصل في الصومال.

 

 

قد يعجبك ايضا