100 يوم من الجائحة.. كيف بدّل “كورونا” وجه العالم؟

جسر: متابعات:

كان العقد المضطرب قد بلغ يومه الأخير، كانت ليلة رأس السنة، وكان معظم أنحاء العالم تستعد للاحتفال.

منذ عام 2010 والعالم يشهد ثورات وأمواجاً ستشكل الحقبة المقبلة: الثورات في العالم العربي، الحرب الأهلية السورية، أزمات اللاجئين، انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

لكن كل هذا لم يكن كافياً، وأراد العقد أن يترك لنا في آخر أيامه وأيام العام 2019 أقصى المفاجآت تعقيداً وتأثيراً.

مساء 31 ديسمبر (كانون الأول)، أعلن موقع حكومي صيني على الإنترنت عن اكتشاف حالة «التهاب رئوي لسبب غير معروف» في المنطقة المحيطة بسوق للمأكولات البحرية في جنوب الصين في مدينة ووهان الصناعية التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة.

تم تشخيص الحالات لاحقاً بفيروس «كورونا المستجد». وعلى مدى مائة يوم قادمة، سيجمّد الفيروس السفر الدولي ويقضي على النشاط الاقتصادي ويحجز أكثر من نصف البشرية في منازلهم، ويصيب أكثر من مليون شخص بمن في ذلك: رئيس الوزراء البريطاني، ووريث العرش البريطاني، ونائب للرئيس الإيراني، والممثل العالمي إدريس إلبا، وغيرهم.

وبحلول أول أسبوع من شهر أبريل (نيسان)، سيكون أكثر من 75 ألف شخص قد لقوا مصرعهم بسبب الفيروس، حسبما نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وفي هذا التقرير نتناول أبرز المحطات في 100 يوم مضت، غيّرت شكل الحياة التي كنا نعرفها.

اليوم الأول – الأربعاء 1 يناير (كانون الثاني):

عادةً ما تكون سوق ووهان للمأكولات البحرية صاخبة، لكن الشرطة هذا الصباح موجودة بكثرة وتطالب أصحاب المحلات بإغلاق أبوابهم. يأخذ العاملون في بذلات المواد الخطرة عينات من الأسطح ويضعونها في أكياس بلاستيكية محكمة الغلق.

يتم تداول رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية مدعومة بالمستندات الطبية التي وجدت طريقها للإنترنت للتحذير من أن مرضى يقدمون إلى مستشفيات ووهان ويعانون من أعراض مشؤومة.

السلطات في تايوان تراقب بقلق. وتنفذ الجزيرة بالفعل احتياطات صحية، حيث يتم فحص الوافدين على الرحلات المباشرة من ووهان بحثاً عن أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا قبل أن يتمكنوا من النزول. في غضون يومين، ستراقب سنغافورة وهونغ كونغ الوافدين من المدينة على حدودهم.

في ووهان، تم استدعاء ثمانية أشخاص متهمين بنشر «شائعات» حول المرض إلى مكتب الأمن العام. وخضعت عبارات مثل «الالتهاب الرئوي غير المعروف في ووهان» و«سوق المأكولات البحرية في ووهان» للرقابة على وسائل التواصل في الصين.

اليوم التاسع – الخميس 9 يناير (تحديد فيروس «كورونا المستجد»):

تم تحديد المرض الغامض، وقال علماء صينيون إن المرضى في ووهان أُصيبوا بفيروس غير مكتشف سابقاً من عائلة الفيروسات التاجية «كورونا».

وأثار فيروسان تاجيان «سارس» و«ميرس» وباءً بالفعل في هذا القرن، وقال العلماء إن هذا النوع الجديد مميت أيضاً، ففي الليلة الماضية توفي رجل يبلغ من العمر 61 عاماً في مستشفى ووهان، ليصبح أول ضحية معروفة للفيروس.

في وقت لاحق، ستخلص دراسة إلى أنه في هذه المرحلة كان حجم الوباء يتضاعف كل أسبوع.

اليوم الـ13 – الاثنين 13 يناير (تايلاند تبلغ عن أول حالة إصابة بالفيروس):

مر أكثر من أسبوع منذ أن أكدت السلطات الصحية في ووهان تسجيل حالة إصابة بالفيروس التاجي الجديد. لكن الفيروس غادر الصين، وأبلغت تايلاند عن حالة الإصابة الأولى لأحد سكان ووهان البالغ من العمر 61 عاماً، الذي تم اكتشاف ارتفاع درجة حرارته بواسطة ماسح مراقبة حراري في مطار بانكوك.

اجتمعت لجنة من المتخصصين في الأمراض المعدية في لندن لمناقشة الفيروس، ورأت أن الخطر على المملكة المتحدة «منخفض للغاية، ولكنه يستوجب التحقيق والاختبار».

وقالت الحكومة الصينية إنه لا يوجد حتى الآن دليل واضح على انتقال العدوى من شخص لآخر. وقال علماء الأوبئة إن الأخبار مشجعة. وأشار غوان يي، أستاذ الأمراض المعدية في جامعة هونغ كونغ، لصحيفة «نيويورك تايمز»، إنه «إذا لم تكن هناك حالات جديدة في الأيام القليلة المقبلة، فإن التفشي قد انتهى».

اليوم الـ20 – الاثنين 20 يناير (تأكيد انتقال العدوى من إنسان إلى إنسان):

زونغ نانشان، خبير الجهاز التنفسي الموثوق، ظهر على التلفزيون الحكومي الصيني مع أخبار سيئة: ظهرت حالتان جديدتان للفيروس في مقاطعة غوانغدونغ بين مرضى ليس لديهم اتصال مباشر مع ووهان.

الاستنتاج واضح، كما يقول يقول زونغ: «من المؤكد أنها ظاهرة انتقال العدوى من إنسان إلى إنسان».

وبعد أن اختفى في الصين لأكثر من أسبوعين، ظهر الفيروس الآن في جميع أنحاء البلاد، كما بدأ الفيروس ينتشر في جميع أنحاء العالم، مع تسجيل إصابات في اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.

اليوم الـ24 – الجمعة 24 يناير (وصول الفيروس إلى أوروبا):

عشية عطلة العام القمري الجديد في الصين، حيث يسافر مئات الملايين من الصينيين لزيارة الأصدقاء والعائلة، تم إغلاق ووهان بالفعل، وقد تم الكشف عن أكثر من 800 إصابة، وتوفي 25 شخصاً.

وصل الفيروس أيضاً إلى أوروبا، وقد تم اكتشافه في حالتين لشخصين قادمين حديثاً من الصين.

يوم الـ31 – الجمعة 31 يناير (التفشي يهزم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي):

بعد ما يقرب من أربع سنوات من الجدل، خرجت بريطانيا رسمياً من الاتحاد الأوروبي.

هذا اليوم كان مهماً أيضاً في مسيرة فيروس «كورونا المستجد»، فبحلول نهاية اليوم، سيكون التفشي العالمي له أكبر من «سارس»، وسيتم تأكيد وصوله إلى المملكة المتحدة وإسبانيا وإيطاليا.

وقال وزير الصحة الإيطالي روبرتو سبيرانزا: «الوضع خطير ولكن لا داعي للقلق، فكل شيء تحت السيطرة تماماً».

حتى الآن، لم يمت أحد خارج الصين جراء الفيروس، لكن في الصين يتزايد عدد القتلى، حيث يصل إلى 258، مع إصابة أكثر من 11000.

وأعلنت الولايات المتحدة أنها تمنع الأجانب الذين كانوا في الصين مؤخراً من الدخول.

اليوم الـ36 – الثلاثاء 4 فبراير (شباط) (الوفاة الأولى خارج الصين):

تجاوز عدد الإصابات في الصين حاجز الـ20 ألفاً، مع تسجيل 425 قتيلاً. ويتوفى أحد سكان ووهان المصاب بالفيروس في مستشفى في مانيلا بالفلبين، وهو أول شخص يموت بالفيروس خارج الصين.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إن الانتشار الدولي للمرض يبدو «ضئيلاً وبطيئاً»، وعلى الرغم من أنه قد يستمر في التدهور، لا توجد حاجة لوقف التجارة والسفر دون داعٍ.

اليوم الـ56 – الثلاثاء 25 فبراير (الفيروس يسيطر على العالم):

تجاوز عدد الإصابات عالمياً الـ80 ألف حالة. وللمرة الأولى منذ الإعلان عن تفشي المرض، فإن عدد الحالات المؤكدة خارج الصين يفوق عدد المصابين بالداخل.

سجلت إيطاليا أول حالة وفاة قبل أربعة أيام ولديها الآن 11 حالة وفاة. ويُعتقد أن حصيلة القتلى في إيران هي الأكبر خارج الصين، مع تأكيد 12 حالة وفاة على الأقل رسمياً، لكن يعتقد أن هناك 50 حالة وفاة في مدينة قم الإيرانية وحدها.

مع إعلان الولايات المتحدة عن حالة الإصابة الرابعة عشرة، غرد ترمب خلال زيارة للهند: «إن الفيروس تحت السيطرة إلى حد كبير في الولايات المتحدة!».

اليوم الـ66 – الجمعة 6 مارس (آذار) (إيطاليا في أزمة والمملكة المتحدة تسجل الوفاة الأولى):

ارتفع عدد القتلى في إيطاليا ستة أضعاف في ستة أيام، أكثر من 230 إيطالياً ماتوا، وعدد الحالات يتزايد بأكثر من 1200 كل يوم. أغلقت روما المدارس، وحظرت المتفرجين في مباريات كرة القدم.

أصبحت امرأة في السبعينات من عمرها أول شخص يموت بسبب الفيروس في بريطانيا.

اليوم الـ71 – الأربعاء 11 مارس (إعلان «كوفيد – 19» جائحة):

تجاوز عدد الحالات في الولايات المتحدة الألف حالة، مع وجود أكثر من 116 ألف شخص مصاب حول العالم. وفي خطاب نادر للبيت الأبيض، أعلن ترمب أن إدارته تشرع لـ«أكثر الجهود شمولاً لمواجهة فيروس أجنبي في التاريخ الحديث».

أسواق الأسهم في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تنهار بشكل أسرع من أي وقت مضى منذ الانهيار المالي عام 2008.

ارتفع عدد الوفيات في إيطاليا بمقدار 168 في يوم واحد، وهو أعلى رقم يُسجل في يوم واحد بأي مكان في العالم.

تعلن منظمة الصحة العالمية ما أصبح واضحاً: «كوفيد – 19» هو جائحة عالمية (وباء).

اليوم الـ77 – الثلاثاء 17 مارس (الحياة الطبيعية معلقة في جميع أنحاء العالم):

الدول الأوروبية تنأى بنفسها بعضها عن بعض، والقارة تُغلق عن العالم. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يُعلن: «نحن في حالة حرب».

يتجاوز عدد القتلى في إيطاليا الآن 450 حالة وفاة كل يوم، وسيفوق عدد الوفيات في الصين قريباً. وستتضاعف الحالات المؤكدة في إسبانيا إلى أكثر من 17 ألفاً بحلول نهاية الأسبوع. ثلاثة أرباع الذين ماتوا بسبب الفيروس هم من الأوروبيين.

يتلقى الأستراليون في الخارج طلباً -غير مسبوق- بالعودة إلى الوطن في أقرب وقت ممكن. يُمنع الفرنسيون من ركوب الدراجات. يُنصح سكان ولاية كاليفورنيا البالغ عددهم 40 مليون نسمة بعدم مغادرة منازلهم.

بحلول نهاية الأسبوع، سيكون هناك 1000 حالة إصابة في قارة أفريقيا، مع تسجيل أكثر من 160 ألف حالة إصابة حول العالم.

اليوم الـ83 – الاثنين 23 مارس (بريطانيا تصدر أمر الإغلاق):

تجاوزت الحالات المؤكدة حول العالم الـ370 ألفاً، بما في ذلك أكثر من 6600 بريطاني. وفيما يعتقد أنها واحدة من أكثر اللحظات مشاهدة في تاريخ التلفزيون البريطاني، يأمر رئيس الوزراء بوريس جونسون بإغلاق جميع الأعمال غير الضرورية ويحث الجميع: «يجب أن تبقى في المنزل».

ما يقرب من 400 شخص يموتون في إسبانيا، وهي أعلى حصيلة يومية حتى الآن.

تم تأكيد أكثر من 5000 حالة جديدة في نيويورك، ليصل إجمالي الولاية إلى 20 ألف حالة. وبحلول نهاية الأسبوع، سيكون لدى الولايات المتحدة أكبر عدد من الإصابات في العالم.

يبدو أن الموجة بدأت تتراجع في الصين، التي سجلت هذا الأسبوع لأول مرة عدم وجود حالات انتقال محلي للفيروس في أحد الأيام.

غداً تبدأ الهند إجراءات الإغلاق، وهذا يعني أن أكثر من 3.5 مليار شخص حول العالم يعيشون الآن تحت شكل من أشكال الحجر الصحي.

اليوم الـ93 – الخميس 2 أبريل (علامة فارقة أخرى):

في نحو الساعة 8:40 مساءً بتوقيت غرينتش، تأكد إصابة مليون شخص حول العالم بالفيروس (منهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون)، مع أكثر من 50 ألف وفاة.

يتجاوز عدد القتلى في إسبانيا 950 شخصاً في يوم واحد، وهو أكبر عدد مسجل حتى الآن.

تُظهر الأرقام أن 6.6 مليون أميركي قد سجلوا طلبات إعانة البطالة في الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى أكثر من 3 ملايين فعلوا ذلك في الأسبوع السابق.

الولايات المتحدة لديها ما يقرب من ربع مليون حالة إصابة و6000 وفاة، وترمب يحذّر من «أسبوعين مؤلمين للغاية» قادمين.

اليوم الـ99 – الأربعاء 8 أبريل (مسار الوباء لا يزال مجهولاً):

لا يزال بوريس جونسون في المستشفى، بعد أن تم إدخاله إلى العناية المركزة يوم (الاثنين) بعد تفاقمت أعراضه.

سجلت الولايات المتحدة نحو ألفي حالة وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية، في أعلى حصيلة يومية في العالم منذ انتشار الوباء.

في بعض البلدان الأكثر تضرراً في أوروبا تتناقص حالات الإصابات والوفيات الجديدة، فيما سجلت الصين يومها الأول من دون وفيات، وتعيد فتح المدن بحذر.

ربما كان يوم (السبت) الماضي أكثر الأيام دموية حتى الآن، حيث قُتل أكثر من 6500 شخص حول العالم بسبب الفيروس.

يتم تحضير وتجريب اللقاحات بشكل سريع ولكن من غير المحتمل أن تكون معروضة بكميات كبيرة قبل 18 شهراً على الأقل.

قُتل أكثر من 75 ألف شخص في العالم وأُصيب أكثر من 1.3 مليون فيما تعافى نحو 270 ألفاً، ولا توجد -حتى الآن- استراتيجية متفق عليها حول كيفية إعادة الحياة إلى طبيعتها.

المصدر: الشرق الأوسط

قد يعجبك ايضا